تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ} (3)

المفردات :

تواصوا : تناصحوا وتعاهدوا .

بالحق : الواجب من فعل الطاعات وترك المحرمات .

التفسير :

3- إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .

أي : إن الإنسان لفي خسارة ونقصان وهلاك ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فإنهم في نجاح وفلاح ، ونصر مبين في الدنيا ، وسعادة في الآخرة .

لقد حكم الله بأن جنس الإنسان في خسران إلا من أتى بأربعة أشياء :

1- الإيمان .

2- العمل الصالح .

3- التواصي بالحق .

4- التواصي بالصبر .

( أ‌ ) وعناصر الإيمان ستة :

الإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وبالقضاء والقدر خيره وشره ، حلوه ومرّه .

( ب‌ ) وعناصر العمل الصالح ثلاثة :

أداء الفرائض ، واجتناب النواهي ، وفعل الخير .

( ج ) والتواصي بالحق :

هو التواصي بالثبات على أمور الدين ، وشرائع الإسلام ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والعمل بالقرآن والسنة ، والبعد عن الزور والبدعة .

( د ) والتواصي بالصبر :

هو أن يوصي الناس بعضهم بعضا بالثبات على الطاعات ، والبعد عن المعاصي ، والرضا بالقضاء والقدر في المصائب والمحن .

قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره :

دلّت الآية على أن الحق ثقيل ، وأن المحن تلازمه ، فذلك قرن به التواصي .

ختام السورة:

فضيلة سورة العصر

1- قال الشافعي :

لو فكر الناس كلهم في هذه السورة لكفتهم . اه .

ذلك أن الكمال في معرفة الحق والدعوة إليه ، وفي التواصي بالصبر والثبات عليه ، وذلك بعد الإيمان والعمل الصالح .

قال تعالى : يا بنيّ أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إنّ ذلك من عزم الأمور . ( لقمان : 17 ) .

وقال عمر : رحم الله من أهدى إليّ عيوبي .

2- قال الشيخ محمد عبده :

إنما قال : وتواصوا . ولم يقل : وأوصوا ، لتبيّن أن النجاة من الخسران إنما تناط بحرص كل من أفراد الأمة على الحق ، وتقبّل الحق عند الوصية به ، فكأن في هذه العبارة الجزلة قد نص على تواصيهم بالحق ، وقبولهم الوصية به إذا وجهت إليهم .

***

( تم بحمد الله تعالى وتوفيقه تفسير سورة العصر ) .

i في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب 30/651 .

ii في ظلال القرآن 30/243 ، بتصرف .

iii لا تسبّوا الدهر فإن الله هو الدهر :

رواه مسلم في الألفاظ من الأدب ( 2246 ) وأحمد في مسنده ( 8892 ) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسبّوا الدهر فإن الله هو الدهر ) .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ} (3)

{ إلا الذين آمنوا } فإنهم ليسوا في خسر { وتواصوا بالحق } وصى بعضهم بالإقامة على التوحيد والإيمان { وتواصوا بالصبر } على طاعة الله والجهاد في سبيله ، ويروى مرفوعا { إن الإنسان لفي خسر } يعني أبا جهل { إلا الذين آمنوا } يعني أبا بكر { وعملوا الصالحات } يعني عمر بن الخطاب { وتواصوا بالحق } يعني عثمان { وتواصوا بالصبر } يعني عليا رضي الله عنهم أجمعين .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ} (3)

قوله تعالى : { إلا الذين آمنوا } استثناء من الإنسان ؛ إذ هو بمعنى الناس على الصحيح . { وعملوا الصالحات } أي أدوا الفرائض المفترضة عليهم ، وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبي بن كعب : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { والعصر } ما تفسيرها يا نبي الله ؟ قال : { والعصر } " قسم من الله ، أقسم ربكم بآخر النهار " { إن الإنسان لفي خسر } : أبو جهل { إلا الذين آمنوا } : أبو بكر ، { وعملوا الصالحات } عمر . { وتواصوا بالحق } عثمان { وتواصلوا بالصبر } علي . رضي الله عنهم أجمعين . وهكذا خطب ابن عباس على المنبر موقوفا عليه . { وتواصوا } أي تحابوا ، أوصى بعضهم بعضا وحث بعضهم بعضا . { بالحق } أي بالتوحيد ، كذا روى الضحاك عن ابن عباس . قال قتادة : { بالحق } أي القرآن . وقال السدي : الحق هنا هو الله عز وجل . { وتواصوا بالصبر } على طاعة الله عز وجل ، والصبر عن معاصيه . وقد تقدم{[16359]} . والله أعلم .


[16359]:راجع جـ ص 71 من هذا الجزء.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ} (3)

قوله : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } استثناء من جنس الإنسان وهم الناس ، فقد استثنى بذلك من الخاسرين الهلكى { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } وهم الموقنون بوحدانية الله ، المصدقون بنبوة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأدوا ما عليهم من فرائض ، فالتزموا شرع الله وأحكام دينه غير مفرطين ولا غافلين .

قوله : { وتواصوا بالحق } يعني حضّ بعضهم بعضا ، وأوصى بعضهم بعضا بالحق . وهو الخير كله من توحيد الله وطاعته ، واتباع النور الذي أنزله على رسوله { وتواصوا بالصبر } يعني أوصى بعضهم بعضا بالصبر عن المعاصي وعلى فعل الطاعات والواجبات وما يتقربون به إلى الله{[4856]} .


[4856]:تفسير ابن كثير جـ 4 ص 547 وتفسير الرازي جـ جـ 32 ص 84- 86 والكشاف جـ 4 ص 282.