بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ} (3)

ثم استثنى فقال عز وجل { إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } فإنهم غير منقوصين . قال القتبي : الخسر النقصان ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجرٌ غير منقوص ، كما قال الله تعالى { ثم رددناه أسفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } يعني : يكتب لهم ثواب عملهم وإن ضعفوا عن العمل . قال الزجاج : إن الإنسان أراد به الناس ، والخسران واحد ، ومعناه إن الإنسان الكافر والعاملين بغير طاعة الله تعالى لفي خسر ، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ ( والعصر ونوايب الدهر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفي لعنة إلى آخر الدهر ) . ويقال : أقسم الله تعالى بخالق الدهر إن الإنسان لفي خسر يعني : أبا جهل والوليد بن المغيرة ومن كان في مثل حالهما ، ثم استثنى المؤمنين فقال : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } يعني : أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً رضوان الله تعالى عليهم أجمعين { وَتَوَاصَوْاْ بالحق } يعني : تحاثوا على القرآن ، يعني : يُرَغِّبون في الإيمان بالقرآن والأعمال الصالحة { وَتَوَاصَوْاْ بالصبر } يعني : تحاثوا على الصبر على عبادة الله تعالى وعلى الشدائد ، فيرغبون الناس على ذلك ، ويقال : بالصبر على المكاره ، فإن الجنة حفت بالمكاره ، والله تعالى أعلم بالصواب .