تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَإِن تَوَلَّيۡتُمۡ فَمَا سَأَلۡتُكُم مِّنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (72)

المفردات :

توليتم : أعرضتم عن تذكيري .

من المسلمين : من المنقادين لحكم الله ؛ لا أخالف أمره .

التفسير :

72 { فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله . . . } الآية .

أي : فإن أعرضتم عن نصحي ، وكفرتم برسالتي ؛ فإني لا أنتظر منكم على تبليغ الرسالة أجرا ولا مالا ؛ لأن أجري وجزائي من الله وحده .

{ وأمرت أن أكون من المسلمين } .

أي : أمرني ربي بأن أكون من المسلمين . أي : المستسلمين الخاضعين لحكمه ، الراضين بقضائه وقدره ، والإسلام هنا بمعنى : الخضوع والاستسلام لأمر الله عز وجل ، وهو دين الأنبياء والرسل جميعا من أولهم إلى آخرهم وإن تنوعت شرائعهم التفصيلية فهذا نوح يقول : { وأمرت أن أكون من المسلمين } .

وقال تعالى عن إبراهيم الخليل : { إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين* ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } . ( البقرة : 131 ، 132 ) .

وقال موسى : { يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين } . ( يونس : 84 ) .

وقال سحرة فرعون : { ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين } . ( الأعراف : 126 ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } . ( الأنعام : 162 ، 163 ) . أي : من هذه الأمة .

وقد روى الشيخان : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الأنبياء أخوات لعلاّت ؛ أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد ) .

فالأنبياء والرسل أشبه بإخوة من أب واحد وأمهات متعددة ؛ لأن الله سبحانه هو الذي أرسل الرسل ، وأنزل الكتب داعية إلى التوحيد ومكارم الأخلاق ، ولكل رسول شرعة ومنهاج ؛ قال تعالى : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } . ( المائدة : 48 ) .