تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِتَلۡفِتَنَا عَمَّا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا نَحۡنُ لَكُمَا بِمُؤۡمِنِينَ} (78)

المفردات :

لتلفتنا : لتصرفنا ، واللقب والفتل بمعنى واحد .

التفسير :

78 { قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } .

رفض فرعون وحاشيته رسالة موسى لسببين :

1 أنها تصرفهم عما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم .

2 أن موسى وهارون سينالان تأييدا شعبيا ، وزعامة دينية ، فأثر الدين في نفوس الناس أجمعين ؛ ويصبح ملك فرعون صوريا ؛ بعد تصديق الناس برسالة موسى .

ونلاحظ في الرد عليهما ما يأتي :

1 الرسالات السماوية جاءت لإصلاح الخلل وتقويم العوج ، وشنعت على الناس تقليد الآباء والأجداد في الباطل ، وعبادة الهوى .

2 وقف الكفار في وجه رسالات السماء من عهد نوح ؛ خوفا على ملكهم وجبروتهم وتسلطهم ، وحاولوا منع أتباعهم من الإيمان بالرسل ؛ تمسكا بالملك والجبروت ، وكراهية لكل رسالة إصلاح ودعوة إيمان ، فقوم نوح قالوا عنه : { ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم . . . . } . ( المؤمنون : 24 ) .

وقوم محمد كانوا أعرف الناس بصدقه وأمانته ، وبأن الشرك تهافت ، ولكنهم يخشون على مكانتهم الموروثة ، القائمة على ما في عقيدة الشرك من خرافات وتقاليد ، وكذلك خشي الملأ من قوم فرعون ؛ من دعوة موسى وهارون ؛ لأنها ستغير الهرم الاجتماعي ، وتجعل القيادة في يد الحق والرسالة ؛ ولذلك جحدوا وكفروا بهذه الرسالة وقالوا :

{ وما نحن لكما بمؤمنين } .

أي : لن نصدق برسالتكما ؛ لأنها ستسحب بساط الملك من تحت أقدامنا وهكذا يتعلل فرعون وملؤه بهذه التعللات ؛ فقد كان الملك والسلطان أهم عندهم من الهداية والإيمان مع أن الدنيا فانية ، وأثر الإيمان خالد باق !