تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسۡـَٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (141)

141- تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون . الأمة المشار إليها في الآية : إبراهيم وأبناؤه الرسل ، ومعنى الآية :

أن أمامكم دينا دعيتم إلى إتباعه ، واقترنت دعوته بالحجة الواضحة ، فانظروا في دلائل صحته وسمو حكمته ولا تردوه بمجرد دعوى : أن آباءكم السابقين كانوا على ما أنتم عليه الآن . دعواكم هذه لا تفيد «ولو فرضنا تسليمها لكم ، فإن الشرائع تختلف باختلاف الأمم ، فتلك أمة مضت لها عملها وفق شريعتها هذه أمة أخرى لها عملها حسب شريعتها فلا تسألون عن أعمال آباءكم وشريعتهم بل عن أعمالكم أنتم ، وفق شريعتكم التي شرعها الله لكم وهي الإسلام ، فلا تتمسكوا بشريعة كانت لمن قبلكم ، بل تمسكوا بشريعة الإسلام التي نسختها ، وقام الدليل على صحتها وقد تعبدكم الله بها » ( 322 ) .

وقد تكررت هذه الآية للمبالغة في تحذير أهل الكتاب من تركهم لدين الإسلام الذي كلفوا به ، وادعائهم أنهم على دين آبائهم الأنبياء .

وإلى هنا تكون الآيات الكريمة قد دحضت ما ادعاه اليهود من أن الهدى في اتباع ملتهم ، وأقامت الحجة على كذبهم وافترائهم ، وأرشدتهم إلى الدين الحق . ودعتهم إلى الدخول فيه ، ووبختهم على المحاجة في دين الله بغير علم ، وحذرتهم من انحراف عن الصراط المستقيم اعتمادا منهم على آباء لهم كانوا أنبياء أو صالحين فإنه لن تجزي نفس عن نفس شيئا يوم الدين .

* * *

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

تم الجزء الأول ويليه الجزء الثاني إن شاء الله ، أتحدث في بدايته عن قصة تحويل القبلة

من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام .