اعلم أنه تعالى لما حاجّ اليهود في هؤلاء الأنبياء عقبه بهذه الآية ليكون وعظاً لهم ، وزجراً حتى لا يتّكلوا على فضل الآباء ، فكلّ واحد يؤخذ بعمله .
وأيضاً أنه تعالى لما ذكر حسن طريقة الأنبياء الذين ذكرهم في هذه الآيات بين أن الدليل لا يتم بذلك ، بل كل إنسان مسؤول عن عمله ، ولا عذر له في ترك الحق بأن يتوهم أنه متمسّك بطريقة من تقدم ؛ لأنهم أصابوا أو أخطئوا لا ينفع هؤلاء ولا يضرهم لئلا يتوهم أن طريقة الدين التقليد .
الأول : قال الجُبَّائي : إنه عنى بالآية الأولى إبراهيم ، ومن ذكر معه ، والثانية أسلاف اليهود .
قال القاضي : هذا بعيد ؛ لأن أسلاف اليهود والنصارى لم يَجْرِ لهم ذكر مصرح ، وموضع الشبهة في هذا القول أن القوم لما قالوا في إبراهيم وبينه : إنهم كانوا هوداً ، فكأنهم قالوا : إنهم كانوا على مثل طريقة أسلافنا من اليهود ، فصار سلفهم في حكم المذكورين فجاز أن يقول : { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ } ويعنيهم ولكن ذلك كالتعسُّف ، بل المذكور السابق هو إبراهيم وبنوه ، فقوله :{ تلك أمة } يجب أن يكون عائداً إليهم .
الوجه الثاني : أنه متى اختلفت الأوقات والأحوال والمواطن لم يكن التَّكْرار عبثاً ، فكأنه تعالى قال : ما هذا إلا بشر ، فوصف هؤلاء الأنبياء فيما أنتم عليه من الدين لا يسوغ التقليد في هذا [ الجنس ]{[1771]} ، فعليكم بترك الكلام في تلك الأمة ، فلها ما كسبت ، وانظروا فيما دعاكم إليه محمد صلى الله عليه وسلم فإن ذلك أنفع لكم ، وأعود عليكم ، ولا تُسألون إلا عن عملكم .
قال القرطبي رحمه الله تعالى : كررها ، لأنها تضمّنت معنى التهديد والتخويف ، أي : إذا كان أولئك الأنبياء على إمامتهم وفضلهم يجازون بكسبهم ، فأنتم أحرى ، فوجب التأكيد فلذلك كررها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.