تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{۞وَلَقَدۡ جَآءَكُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ} (92)

عصيان ومخالفة

( ولقد جاءكم موسى بالبيانات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون( 92 ) وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما أتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين( 93 ) (

المفردات :

البينات : جمع بينة وهي الآيات الدالة على صدقه ، وحقيقة نبوته ، كانقلاب العصا حية ، وفلق البحر ، وانفجار العيون من الحجر .

العجل : هو من صنعه له السامري من الحلي تمثالا على صورة العجل .

التفسير :

92- ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون . أي ولقد أرسلنا إليكم موسى بالآيات الواضحة ، والأدلة القاطعة ، والبراهين الناصعة على توحيد الله وعظيم قدرته ، فخالفتم ذلك وعصيتم أمره ، وعبدتم عجل السامري من بعد ذلك ، فهذا ظلم ووضع للشيء في غير موضعه اللائق به ، لأنكم تركتم عبادة من يستحق العبادة وهو الله تعالى . وعبدتم العجل الذي لا يملك ضرا ولا نفعا( 221 ) .

والتعبير بالجملة الاسمية : وأنتم ظالمون فيه دلالة على ثبات الظلم واستقراره فيهم ، وأنه شأن من شؤونهم ، ولقد سبق التبكيت باتخاذهم العجل في قوله تعالى : وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون . ( البقرة : 51 ) وأعيد هنا بعبارة أخرى في سياق آخر ، وهو أن الآيات الدالة على النبوة والوحدانية ، مثل الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا واليد وفلق البحر وتظليلهم بالغمام والمن والسلوى والحجر . هذه الآيات لم تزدهم إلا إيغالا في الشرك وانهماكا في الوثنية . ثم اتخذتم العجل من بعده : أي اتخذتم العجل من بعد مجيء موسى بالبنيات على رسالته . وصحة ما دعاكم إليه من توحيد الله بالعبادة .

والتعبير بقوله : من بعده . يفيد أنه لم يكن لهم عذر في ذلك الاتخاذ فإنه بعد بلوغ الدعوة قامت الحجة عليهم .

والآية الكريمة فيها إبطال دعواهم بما أنزل عليهم لأنهم لو كانوا مؤمنين حقا بنبيهم الذي جاء بالبينات لما تركوه ما أمرهم به وهو عبادة الله ، وفعلوا ما نهاهم عنه وهو عبادة العجل .

وقال ابن كثير :

من بعده . أي من بعد ما ذهب عنكم إلى الطور لمناجاة الله كما قال تعالى : واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه ل يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين . ( الأعراف : 148 ) .