إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞وَلَقَدۡ جَآءَكُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ} (92)

{ وَلَقَدْ جَاءكُم موسى بالبينات } من تمام التبكيت والتوبيخِ ، داخلٌ تحت الأمر ، لا تكريرٌ لما قُصَّ في تضاعيف تعدادِ النعم التي من جملتها العفوُ عن عبادة العجلِ ، واللامُ للقسم أي : وبالله لقد جاءكم موسى متلبّساً بالمعجزات الظاهرةِ التي هي العصا واليدُ والسِّنونَ ونقصُ الثمراتِ والدمُ والطوفانُ والجَرادُ والقُمّلُ والضفادعُ وفلْقُ البحرِ وقد عُدَّ منها التوراةُ وليس بواضح ، فإن المجيءَ بها بعد قصةِ العجل { ثُمَّ اتخذتم العجل } أي إلها { مِن بَعْدِهِ } أي من بعد مجيئِه بها ، وقيل : من بعد ذهابِه إلى الطور فتكونُ التوراةُ حينئذ من جملة البيناتِ وثم للتراخي في الرُتبة والدلالة على نهايةِ قُبْحِ ما صنعوا { وَأَنتُمْ ظالمون } حالٌ من ضمير اتخذتم بمعنى اتخذتمُ العجلَ ظالمين بعبادته واضعين لها في غير موضِعِها أو بالإخلال بحقوق آياتِ الله تعالى أو اعتراض أي وأنتم قوم عادتُكم الظلمُ .