اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{۞وَلَقَدۡ جَآءَكُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ} (92)

" بِالْبَيِّنَاتِ " يجوز فيه وجهان :

أحدهما : أن يكون حالاً من " موسى " أي : جاءكم ذا بيِّنات وحُجَج ، أو ومعه البينات .

وثانيهما : أن يكون مفعولاً ، أي : بسبب إقامة البَيّنات ، وهي قوله تعالى :

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } [ الإسراء : 101 ] وهي : العصا والسّنون واليد والدم والطّوفان والجراد والقمل والضفادع وفلق البحر .

وقيل : البينات التوراة وما فيها من الدّلالات .

واللام في " لقد " لام القسم .

{ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ } توبيخ ، وهو أبلغ من " الواو " في التَّقريع بها والنظر في الآيات ، أي بعد النظر في الآيات والإتيان بها اتّخذتم ، [ وهذا يدّل على أنهم إنما فعلوا ذلك بعد مُهْلة من النظر في الآيات ، وذلك أعظم لجُرْمهم ]{[1489]} . وما بعده من الجمل قد تقدم مثله ، والسبب في تكريرها أنه تعالى لما حكى طريقة اليَهُودِ في زمان محمد عليه الصَّلاة والسَّلام ، وصفهم بالعِنَادِ والتكذيب ، ومثلهم بسلفهم في [ قتلهم ]{[1490]} الأنبياء الذي يناسب التكذيب ؛ بل يزيد عليه إعادة ذكر موسى عليه السلام وما جاء به من البيّنات ، وأنهم مع وضوح ذلك أجازوا أن يتخذوا العجل إلهاً وهو مع ذلك صابر ثابت على الدعاء إلى ربه ، والتمسّك بدينه ، فكذلك القول في حالي معكم وإن بالغتم في التَّكذيب والإنكار .


[1489]:- سقط في أ.
[1490]:- في ب: قتل.