محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞وَلَقَدۡ جَآءَكُم مُّوسَىٰ بِٱلۡبَيِّنَٰتِ ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ} (92)

ولما دل على كذبهم في دعوى الإيمان بما فعلوا بعد موسى ، أقام دليلا آخر أقوى مما تقدمه . فإنه لم يعهد إليهم في التوراة ما عهد إليهم في التوحيد والبعد عن الإشراك . وهو النُّسَخ الموجودة بين أظهرهم الآن . وقد نقضوا جميع ذلك باتخاذ العجل في أيام موسى ، وبحضرة هارون عليهما السلام . فقال تعالى : { ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 92 } .

{ ولقد جاءكم موسى بالبينات } من الآيات كفلق البحر وإنزال المنّ والسلوى وغير ذلك من الدلائل القاطعات على أنه رسول الله وأنه لا إله إلا الله { ثم اتخذتم العجل } معبودا من دون الله { من بعده } أي من بعد ما ذهب موسى عنكم إلى الطور لمناجاة الله عز وجل . كما قال تعالى : { واتخذ قوم موسى من بعده من حليّهم عجلا جسدا له خوار } {[654]} وقوله تعالى : { وأنتم ظالمون } أي بعبادته . واضعين لها في غير موضعها . أو بالإخلال بحقوق آيات الله تعالى . أو هو اعتراض . أي وأنتم قوم عادتكم الظلم .


[654]:[7/ الأعراف/ 148] ونصها: {واتخذ قوم موسى من بعده من حليّهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلّمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين 148}.