تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ لَا تَسۡفِكُونَ دِمَآءَكُمۡ وَلَا تُخۡرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ ثُمَّ أَقۡرَرۡتُمۡ وَأَنتُمۡ تَشۡهَدُونَ} (84)

تناقض

( وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمآءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون( 84 ) ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسرى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنوا ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون( 85 ) أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون( 86 ) (

المفردات :

لا تسفكون دماءكم : تريقونها ، بأن يقتل بعضكم بعضا .

84

في أعقاب التفسير :

1- جعل الله الأمة المتواصلة بالدين وحدة متكاملة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا فإذا اعتدى أحد على أخيه فكأنما يعتدي على نفسه ويضعف نفسه .

قال ابن كثير :

ولهذا قال تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم . أي : لا يقتل بعضكم بعضا ولا يخرجه من منزله ولا يظاهر عليه كما قال تعالى :

فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم . ( البقرة : 54 ) وذلك من أهل الملة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة كما قال عليه الصلاة والسلام : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم بمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر . » ( 211 ) .

2- وقال السيد رشيد رضا في تفسير المنار :

وقد أورد سبحانه النهي عن سفك بعضهم دم بعض وإخراج بعضهم بعضا من ديارهم وأوطانهم ، بعبارة تؤكد وحدة الأمة ، وتحدث في النفس أثرا شريفا ، ببعثها على الامتثال إن كان هناك قلب يشعر ووجدان يتأثر فقال تعالى :

لا تسفكون دماءكم . فجعل دم كل فرد من أفراد الأمة كأنه دم الآخر عينه حتى إذا سفكه كان كأنه بخع وانتحر بيده ، وقال تعالى : ولا تخرجون أنفسكم من دياركم . على هذا النسق ، وهذا التعبير المعجز ببلاغته ، خاص بالقرآن الكريم( 212 ) .