تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (74)

المفردات :

ورزق كريم : في الجنة .

74 – { وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } .

تصف الآية فريقين :

1 – المهاجرين الذين آمنوا بالله ، وهاجروا من مكة إلى المدينة في تضحية بالغالي والنفيس من أجل مرضاة الله ، وقد جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم .

2 – الأنصار الذين آووا الرسول وعزروه ونصروه ، وأحسنوا استقبال المهاجرين وآثروهم على أنفسهم .

{ أولئك هم المؤمنون حقا } .

شهد الله تعالى لهم بحقيقة الإيمان ، وصدقه وقد برهنوا على ذلك ، بصدق الهجرة للمهاجرين ، وبصدق الإيواء والنصرة للأنصار ، وبعد هذا الثناء وعدهم الله تعالى بالمغفرة وبالرزق الكريم في الجنة ، وهو الرزق الحسن الكثير الطيب الشريف ، الدائم المستمر الذي لا ينقطع أبدا .

وهذه الآية لتأكيد فضل المهاجرين والأنصار ، وقد أثنى الله عليهم في غير ما آية في كتابه الكريم .

قال الفخر الرازي :

ولا تكرار بين هذه الآية والاية السابقة ؛ فالآية السابقة لإيجاب التواصل بين المهاجرين والأنصار ، وهذه الآية لبيان تعظيم شأنهم وعلو درجتهم ؛ وبيانه من وجهين .

الأول : أن الإعادة تدل على مزيد الاهتمام بحالهم ، وذلك يدل على الشرف والتعظيم .

والثاني : وهو أن الله تعالى أثنى عليهم ها هنا في ثلاثة أوجه :

أولها – قوله : { أولئك هم المؤمنون حقا } قوله : { أولئك هم المؤمنون } . يفيد الحصر ، وقوله : { حقا } يفيد المبالغة في وصفهم بكونهم محقين محققين في طريق الدين وقد كانوا كذلك ؛ لأن من لم يكن محقا في دينه ، لم يتحمل ترك الأديان السالفة ، ولم يفارق الأهل والوطن ، ولم يبذل النفس والمال ، ولم يكن في هذه الأحوال من المتسارعين المتسابقين .

وثانيها – قوله : { لهم مغفرة } . والتنكير يدل على الكمال . أي : مغفرة تامة كاملة .

وثالثها – قوله : { ورزق كريم } . والمراد منه : الثواب الرفيع الشريف . انتهى .