السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (74)

ولما تقدّمت أنواع المؤمنين المهاجر والناصر والقاعد وذكر أحكام موالاتهم أخذ يبين تفاوتهم في الفضل بقوله تعالى :

{ والذين آمنوا } أي : بالله ورسوله وما أتى به { وهاجروا } في الله تعالى من يعادي نبيه صلى الله عليه وسلم سابقين { وجاهدوا في سبيل الله } بما تقدّم من المال والنفس وغيرهما ، فبذلوا الجهد في إذلال الكفار ولم يذكر آلة الجهاد ؛ لأنها مع تقدّم ذكرها لازمة { والذين أووا } أي : من هاجر إليهم { ونصروا } أي : حزب الله { أولئك هم المؤمنون } أي : الكاملون في الإيمان { حقاً } أي : لأنهم حققوا إيمانهم بتحقيق مقتضاه من الهجرة والجهاد وبذل المال ونصرة الحق ثم وعدهم الموعد الكريم بقوله تعالى : { لهم مغفرة } أي : لزلاتهم وهفواتهم ؛ لأن مبنى الآدمي على العجز اللازم عند التقصير وإن اجتهد ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه .

ولما ذكر تطهيرهم بالمغفرة ذكر تزكيتهم بالرحمة بقوله تعالى : { ورزق } أي : من الغنائم وغيرها في الدنيا والآخرة { كريم } أي : لا تبعة ولا منة فيه .