اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ} (74)

قوله تعالى : { والذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ } .

زعم بعضهم أنَّ هذه الجملة تكرار للتي قبلها ، وليس كذلك ، فإنَّ التي قبلها تضمنت ولاية بعضهم لبعض ، وتقسيم المؤمنين إلى ثلاثة أقسام ، وبيان حكمهم في ولايتهم ، وتناصرهم وهذه تضمَّنت الثناء والتشريف والاختصاص ، وما آل إليه حالهم من المغفرة والرزق الكريم والمعنى : " أولئك هم المُؤمنونَ حقّاً " لا مرية ولا ريب في إيمانهم ، وقيل : حققوا إيمانهم بالهجرة والجهاد وبذل المال في الدين ، { لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } الجنة .

فإن قيل : فأي معنى لهذا التكرار . قيل : المهاجرون كانوا على طبقات ، وكان بعضهم أهل الهجرة الأولى ، وهم الذين هاجروا قبل الحديبية ، وبعضهم أهل الهجرة الثانية ، وهم الذين هاجروا بعد صلح الحديبية قبل فتح مكَّة ، وكان بعضهم ذا هجرتين ، هجرة الحبشة ، والهجرة إلى المدينة ، فالمراد من الآية الأولى الهجرة الأولى ومن الثانية الهجرة الثانية .