السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (39)

ثم دعاهم إلى الإيمان فقال : { يا صاحبي السجن } ، أي : يا صاحبيّ في السجن فأضافهما إلى السجن كما تقول : يا سارق الليلة ، فكما أنّ الليلة مسروق فيها غير مسروقة ، فكذلك السجن مصحوب فيه غير مصحوب وإنما المصحوب غيره وهو يوسف عليه السلام ، أو يا ساكني السجن كما قيل لسكان الجنة : أصحاب الجنة ، ولسكان النار : أصحاب النار { أأرباب } ، أي : آلهة { متفرقون } ، أي : متباينون من ذهب وفضة وصفر وحديد وخشب وحجارة وصغير وكبير ومتوسط وغير ذلك { خير } ، أي : أعظم في صفة المدح وأولى بالطاعة { أم الله الواحد القهار } ، أي : المتوحد بالألوهية الذي لا يغالب ولا يشارك في الربوبية غيره خير ، والاستفهام للتقرير ، وفي الهمزتين في { أأرباب } من القراءات ما في { أأنذرتهم } وقد مرّ .

فإن قيل : هل يجوز التفاضل بين الأصنام وبين الله تعالى حتى يقال : إنها خير أم الله ؟ أجيب : بأنّ ذلك خرج على سبيل الفرض ، والمعنى : لو سلمنا أنه حصل منها ما يوجب الخير فهي خير أم الله الواحد القهار .