الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ} (39)

وقوله : { يا صاحبي السجن ءأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ الله الواحد القهار } : [ يوسف : 39 ] .

وصْفُه لهما ب{ صاحبي السجن } من حيثُ سُكْنَاه ؛ كما قال : { أصحاب الجنة } وَ { أصحاب النار } ونحو ذلك ، ويحتمل أن يريد صُحْبَتَهُما له في السِّجْنِ ، كأنه قال : يا صَاحِبَايَ في السجْنِ ، وعرْضُه عليهما بطلاَن أمْرِ الأوثان بأنْ وصَفَها بالتفرُّق ، ووَصْفُ اللَّه تعالى بالوَحْدة والقَهْر تلطُّفٌ حَسَنٌ ، وأخْذٌ بيسيرِ الحُجَّة قبل كثيرها الذي ربَّما نَفَرَتْ منه طباعُ الجَاهِلِ وعانَدَتْه ، وهكذا الوجْهُ في محاجَّة الجاهِلِ : أَنْ يؤخَذَ بدَرَجَةٍ يسيرةٍ من الاحتجاج يقبلها ، فإِذا قبلها ، لزمته عَنْها درجةٌ أخرى فوقها ، ثم كذلك أبداً حتى يصلَ إِلى الحقِّ ، وإِن أُخِذَ الجاهلُ بجميعِ المَذْهَبِ الذي يُسَاقُ إِليه دفعةً أباه للحين وعانَدَهُ ، ولقد ابتلي بأربابٍ متفرِّقين مَنْ يَخْدُم أبناء الدنيا ويؤمِّلهم .