السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ} (41)

ولما قرر يوسف عليه السلام أمر التوحيد والنبوّة إلى الجواب عن السؤال الذي ذكراه فقال : { يا صاحبي السجن } ، أي : الذي يحصل فيه الانكسار للنفس والرقة في القلب ، فتخلص فيه المودّة ، ولما كان في الجواب ما يسوء الخباز أبهم ليجوّز كل منهما أنه الفائز ، فإن ألجأه إلى التعيين كان ذلك عذراً له في الخروج عن الأليق فقال : { أمّا أحدكما } وهو صاحب شراب الملك { فيسقي ربه } ، أي : سيده { خمراً } على عادته ، والعناقيد الثلاثة هي ثلاثة أيام يبقى في السجن ، ثم يدعو به الملك فيردّه إلى رتبته التي كان عليها هذا تأويل رؤياه { وأمّا الآخر } وهو صاحب طعام الملك { فيصلب } والسلال الثلاثة ثلاثة أيام ، ويدعو به الملك فيصلبه { فتأكل الطير من رأسه } هذا تأويل رؤياه ، قال ابن مسعود : فلما سمعا قول يوسف عليه السلام قالا : ما رأينا شيئاً إنما كنا نلعب ، فقال لهما يوسف عليه السلام { قضي } ، أي : تم { الأمر الذي فيه تستفتيان } ، أي : تطلبان الإفتاء فيه عملاً بالفتوة ، فسألتما عن تأويله وهو تعبير رؤياكما كذبتما أو صدقتما لم أقله عن جهل ولا غلط .