السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَهُۥ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيۡءٍ إِلَّا كَبَٰسِطِ كَفَّيۡهِ إِلَى ٱلۡمَآءِ لِيَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَٰلٖ} (14)

واختلف في قوله تعالى : { له } ، أي : الله { دعوة الحق } فقال عليّ : دعوة الحق التوحيد . وقال ابن عباس : شهادة أن لا إله إلا الله . وقال الحسن : الحق هو الله تعالى وكل دعاء إليه دعوة الحق . { والذين يدعون } ، أي : وهم الكفار . { من دونه } ، أي : غير الله وهي الأصنام { لا يستجيبون } ، أي : الأصنام { لهم } ، أي : الكفار { بشيء } مما يطلبونه من نفع أو دفع ضر { إلا } ، أي : الاستجابة { كباسط } ، أي : كاستجابة باسط { كفيه إلى الماء } ، أي : على شفير البئر يدعوه { ليبلغ فاه } ، أي : بارتفاعه من البئر إليه { وما هو } ، أي : الماء { ببالغه } ، أي : فاه أبداً ؛ لأنه جماد لا يشعر بدعائه ولا يقدر على إجابته ، فكذلك ما هم بمستجيبين لهم أبداً ؛ لأنّ أصنامهم كذلك ، وقيل : شبهوا في قلة فائدة دعائهم لآلهتهم بمن أراد أن يغرف الماء بيديه ليشربه فبسط كفيه ناشراً أصابعهما ، ولم يصل كفاه إلى ذلك الماء ولم يبلغ مطلوبه من مشربه ، ثم أنه تعالى عمم في أنه لا يستجاب لهم بقوله تعالى : { وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } ، أي : ضياع لا منفعة فيه ؛ لأنهم إن دعوا الله لم يجبهم وإن دعوا آلهتهم لم تستطع إجابتهم ، وقيل : المراد بالدعاء في الحالين العبادة