السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ} (28)

وقوله تعالى : { الذين آمنوا } بدل من أناب أو خبر مبتدأ محذوف { وتطمئن } ، أي : تسكن { قلوبهم بذكر الله } ، أي : أنساً به واعتماداً عليه ورجاءً منه أو بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق و الاضطراب من خشيته أو بذكر دلائله الدالة على وجوده أو بالقرآن الذي هو أقوى المعجزات وقال ابن عباس : يريد إذا سمعوا القرآن خشعت قلوبهم واطمأنت فإن قيل : قد قال الله تعالى في سورة الأنفال : { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم } [ الأنفال ، 2 ] والوجل ضد الاطمئنان فكيف الجمع بين هاتين الآيتين ؟ أجيب : بأنهم إذا ذكروا العقاب ولم يأمنوا أن يقدموا على المعاصي فهناك يحصل الوجل وإذا ذكروا وعده بالثواب والرحمة سكنت قلوبهم إلى ذلك وحينئذ حصل الجمع بينهما { ألا بذكر الله } ، أي : الذي له الجلال والإكرام لا بذكر غيره { تطمئن } ، أي : تسكن { القلوب } ويثبت اليقين فيها .