السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

ولما كان إتيانهم من الأماكن المعتادة مع القدرة على غيرها أدل على الأدب والكرم قال تعالى : { من كل باب } قال ابن عباس : لهم خيمة من درّة مجوّفة طولها فرسخ وعرضها فرسخ لها ألف باب مصارعها من ذهب يدخلون عليهم من كل باب يقولون لهم : { سلام عليكم } ، أي : فأضمر القول هنا لدلالة الكلام عليه { بما صبرتم } على أمر الله ، والباء للسببية ، أي : بسبب صبركم ، أو البدلية ، أي : بدل ما احتملتم من مشاق الصبر ومتاعبه . فإن قيل : بم يتعلق قوله { بما صبرتم } قال الزمخشري : بمحذوف تقديره : هذا بما صبرتم ، وقال البيضاوي : متعلق بعليكم أو بمحذوف لا بسلام ، فإن الخبر فاصل مع أنّ الزمخشري قال ويجوز أن يتعلق بسلام ، أي : نسلم عليكم ونكرمكم بصبركم ، وهذا أظهر وردّ الأول بأن الممنوع منه إنما هو المصدر المؤوّل بحرف مصدري ، وفعل والمصدر هنا ليس كذلك .

ولما تم ذلك تسبب عنه قوله تعالى : { فنعم عقبى الدار } وهي المسكن في قرار المهيأ بالأبنية التي يحتاج إليها ، والمرافق التي ينتفع بها ، والعقبى الانتهاء الذي يؤدي إليه الابتداء من خير أو شر ، والمخصوص بالمدح محذوف ، أي : عقباكم .