السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ} (7)

وقوله تعالى : { وإذ } ، أي : واذكروا إذ { تأذن ربكم } فهو أيضاً من كلام موسى عليه السلام ، وتأذن بمعنى أذن كتوعد وأوعد غير أنه أبلغ لما في التفعل من معنى التكلف والمبالغة { لئن شكرتم } .

يا بني إسرائيل نعمتي بالتوحيد والطاعة { لأزيدنكم } نعمة إلى نعمة ، ولأضاعفن لكم ما آتيتكم ، فإن الشكر قيد الموجود وصيد المفقود ، والشكر عبارة عن الاعتراف بنعمة المنعم مع تعظيمه وتوطين النفس على هذه الطريقة ، ثم قد يرتقي العبد عن تلك الحالة إلى أن يصير حبه للمنعم شاغلاً له عن الالتفات إلى النعمة ، ولاشك أن منبع السعادات وعنوان كل الخيرات محبة الله تعالى ومعرفته ، وأما الزيادة في النعمة فهي على قسمين : روحانية وجسمانية ، فالأولى هي أن الشاكر يكون أبداً في مطالعة أقسام نعمة الله تعالى ، وأنواع فضله وكرمه ، وأما الثانية : فلأن الاستقراء دل على أنّ كل من كان اشتغاله بشكر نعم الله أكثر كان وصول نعم الله إليه أكثر نسأل الله تعالى القيام بواجب شكر النعمة حتى يزيدنا من فضله وكرمه وإحسانه ، ويفعل ذلك بأهلينا وأحبابنا . ثم إنه تعالى لما ذكر ما يستحقه الشاكر ذكر ما يستحقه مقابله بقوله تعالى :{ ولئن كفرتم } ، أي : جحدتم النعمة بالكفر والمعصية لأعذبنكم دل عليه { إن عذابي لشديد } ، أي : لمن كفر نعمتي ولا يشكرها ، ومن عادة أكرم الأكرمين أن يصرح بالوعد ويعرض بالوعيد .