ولما تقدّم قوله تعالى : { ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه } [ الرعد ، 7 ] عطف عليه بعد شرح ما استتبعه قوله تعالى : { ويقول الذين كفروا لست مرسلاً } ، أي : لكونك لا تأتي بمقترحاتهم مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يقل يوماً : إنه قادر عليها ، فكأنه قيل : فما أقول لهم ؟ فقال تعالى : { قل } لهم { كفى بالله } الذي له الإحاطة الكاملة
{ شهيداً } ، أي : بليغ العلم في شهادته بالإطلاع على ما ظهر وما بطن { بيني وبينكم } يشهد بتأييد رسالتي ، وتصحيح مقالتي بما أظهر لي من الآية ، وأوضح من الدلالة بهذا الكتاب ويشهد بتكذيبهم بادعائكم القدرة على المعارضة ، وترككم لها عجزاً ، وهذا أعلى مراتب الشهادة ؛ لأن الشهادة قول يفيد غلبة الظنّ بأن الأمر كما شهد به ، والمعجزة فعل مخصوص يوجب القطع بكونه رسولاً من عند الله ، واختلف في قوله تعالى : { ومن عنده علم الكتاب } فروى العوفي عن ابن عباس أنهم علماء اليهود والنصارى ، أي : أنّ كل من كان عالماً من اليهود بالتوراة ، ومن النصارى بالإنجيل علم أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم مرسل من عند الله لما يجد من الدلائل الدالة على نبوّته فيها ، شهد بذلك من شهد به وأنكره من أنكره منهم .
والثاني : أنّ المراد شهادة أهل الكتاب من الذين آمنوا ، وهم عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي وتميم الداري . وقال الحسن ومجاهد والزجاج وسعيد بن جبير : { ومن عنده علم الكتاب } هو الله تعالى . قال الحسن : لا والله لا يعني إلا الله ، والمعنى كفى بالله الذي يستحق العبادة ، وبالذي لا يعلم علم ما في اللوح إلا هو شهيداً بيني وبينكم ، وهذا أظهر كما استظهره البقاعي ، وإن كان عطف الصفة على الموصوف خلاف الأصل إذ يقال : شهد بهذا زيد الفقيه ، لا زيد والفقيه ؛ لأنه جائز في الجملة ، وقيل : معناه : أن علم أنّ القرآن الذي جئتكم به معجز ظاهر وبرهان باهر لما فيه من الفصاحة والبلاغة والإخبار عن الغيوب وعن الأمم الماضية فمن علمه بهذه الصفة كان شهيداً بيني وبينكم والله أعلم بمراده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.