السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ أَنجَىٰكُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَآءٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٞ} (6)

ولما أمر الله تعالى موسى أن يذكرهم بأيام الله حكى عنه أنه ذكرهم بها بقوله تعالى : { وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم } وقوله :

{ إذ أنجاكم من آل فرعون } ظرف للنعمة بمعنى الإنعام ، أي : اذكروا إنعام الله عليكم في ذلك الوقت { يسومونكم سوء العذاب } بالاستعباد

{ ويذبحون } ، أي : تذبيحاً كثيراً { أبناءكم } ، أي : المولودين { ويستحيون } ، أي : يستبقون { نساءكم } أحياء وذلك كقول بعض الكهنة إنّ مولوداً يولد في بني إسرائيل يكون سبب زوال ملك فرعون .

فإن قيل : لم ذكر تعالى في سورة البقرة { يذبحون } بغير واو وذكره هنا مع الواو ؟ أجيب : بأنها إنما حذفت في سورة البقرة ؛ لأنها تفسير لقوله تعالى : { يسومونكم سوء العذاب } وفي التفسير لا يحسن ذكر الواو ، وهنا أدخل الواو فيه ؛ لأنه نوع آخر لأنهم كانوا يعذبونهم بأنواع من العذاب غير التذبيح فليس تفسيراً للعذاب { وفي ذلكم بلاء } ، أي : إنعام وابتلاء { من ربكم عظيم } لأنّ الابتلاء يكون ابتلاء بالنعمة والمحنة جميعاً ، ومنه قوله تعالى : { ونبلوكم بالشرّ والخير فتنة } [ الأنبياء ، 35 ] . فإن قيل : تذبيح الأبناء فيه بلاء ، وأمّا استحياء النساء فكيف فيه ابتلاء ؟ أجيب : بأنهم كانوا يستحيونهن ويتركونهنّ تحت أيديهم كالإماء ، فكان ذلك ابتلاء .