السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَأُلۡقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَٰجِدِينَ} (46)

{ فأُلقي السحرة } أي : عقب فعلها من غير تلبث { ساجدين } أي : فسجدوا بسرعة عظيمة حتى كأن ملقياً ألقاهم من قوة إسراعهم علماً منهم بأنّ هذا من عند الله فأمسوا أتقياء بررة بعدما جاؤوا في صبح ذلك اليوم سحرة كفرة .

روي أنهم قالوا إن يك ما جاء به موسى سحراً فلن نغلب وإن يك من عند الله فلن يخفى علينا ، فلما قذف عصاه فتلقفت ما أتوا به علموا أنه من عند الله فآمنوا . وعن عكرمة أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء ، وإنما عبر عن الخرور بالإلقاء لأنه ذكر مع الإلقاآت فسلك به طريقة المشاكلة ، وفيه أيضاً : مع مراعاة المشاكلة أنهم حين رأوا ما رأوا لم يتمالكوا أن رموا بأنفسهم إلى الأرض ساجدين كأنهم أخذوا فطرحوا طرحاً ، فإن قيل : فاعل الإلقاء ما هو لو صرح به ؟ .

أجيب : بأنه الله تعالى بما خوّلهم من التوفيق أو إيمانهم أو ما عاينوا من المعجزة الباهرة ، قال الزمخشري : ولك أن لا تقدر فاعلاً لأنّ ألقوا بمعنى خرّوا وسقطوا .