ثم لما بين تعالى أن الجدال المقرون بالكبر والحسد والجهل كيف يكون وإن الجدال بالحجة والبرهان كيف يكون نبه تعالى على الفرق بين البيانين بذكر مثال فقال تعالى : { وما يستوي } أي : بوجه من الوجوه من حيث البصر { الأعمى والبصير } أي : وما يستوي المستدل والجاهل المقلد { والذين آمنوا } أي : أوجدوا حقيقة الإيمان { وعملوا الصالحات } أي : تحقيقاً لإيمانهم { ولا المسيء } أي : وما يستوي المحسن والمسيء فلا زائدة للتوكيد لأنه لما طال الكلام بالصلة بعد قسم المؤمنين أعاد معه لا توكيداً ، والمراد بالأول : التفاوت بين العالم والجاهل ، وبالثاني : التفاوت بين الآتي بالأعمال الصالحة وبين الآتي بالأعمال السيئة الباطلة .
ولما تقرر هذا على هذا النحو من الوضوح الذي لا مانع للإنسان من فهمه ورسوخه قال تعالى : { قليلاً ما يتذكرون } أي : يتعظ المجادلون وإن كانوا يعلمون أن العلم خير من الجهل وأن العمل الصالح خير من العمل الفاسد إلا أنه قليلاً ما يتذكرون ، فبين في النوع الأول المعنى من الاعتقاد أنه علم أو جهل وفي النوع الثاني المعنى من العمل أنه عمل صالح أو فاسد .
تنبيه : التقابل يأتي على ثلاث طرق ؛ إحداها : أن يجاور المناسب ما يناسبه كهذه الآية . والثانية : أن يتأخر المتقابلان كقوله تعالى : { مثل الفريقين } كالأعمى والأصم والبصير والسميع . الثالثة : أن يقدم مقابل الأول ويؤخر مقابل الآخر كقوله تعالى : { وما يستوي الأعمى والبصير ( 19 ) ولا الظلمات ولا النور } ( فاطر : 19 20 )
كل ذلك تفنن في البلاغة ، وقدم الأعمى في نفي التساوي لمجيئه بعد صفة الذم في قوله : { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } وقرأ الكوفيون بالتاء على تغليب المخاطب أو الالتفات للمذكورين بعد الإخبار عنهم ، أو أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمخاطبة ، والباقون بياء الغيبة نظراً لقوله تعالى : { إن الذين يجادلون } وهم الذين التفت إليهم في قراءة الخطاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.