السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{سُبۡحَٰنَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (82)

ثم إنه تعالى نزه نفسه فقال : { سبحان رب } أي : مبدع ومالك { السماوات والأرض } أي : اللتين كل ما فيهما ومن فيهما مقهور مربوب محتاج لا يصح أن يكون له منه سبحانه نسبة بغير العبودية بالإيجاد والتربية .

ولما كانت خاصة الملك أن يكون له ما لا يصل إليه غيره بوجه أصلاً قال محققاً لملكه لجميع ما سواه ومن سواه وملكه له ، ولم يعد العطف لأن العرش من السماوات { رب العرش } أي : المختص به لكونه خاصة الملك الذي وسع كرسيه السماوات والأرض { عما يصفون } أي : يقولون من الكذب من أن له ولداً أو شريكاً وذلك أن إله العالم يجب أن يكون واجب الوجود لذاته ، وكل ما كان كذلك فهو لا يقبل التجزي بوجه من الوجوه ، والولد عبارة عن أن ينفصل عن الشيء جزء فيتولد عن ذلك الجزء شخص مثله وهذا إنما يعقل فيمن تكون ذاته قابلة للتجزي والتبعيض ، وإذا كان ذلك محالاً في حق إله العالم امتنع إثبات الولد .