السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{۞قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَيُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (31)

ثم بين سبحانه وتعالى ما كان من حال إبراهيم وحال الملائكة بعد ذلك بقوله تعالى : { قال } أي إبراهيم عليه السلام مسبباً عما رأى من حالهم وأنّ اجتماع الملائكة على تلك الحالة لم يكن لهذه البشارة فقط { فما خطبكم } أي : خبركم العظيم { أيها المرسلون } أي لأمر عظيم ، وهذا أيضاً من آداب المضيف إذا بادر الضيف بالخروج قال له : ما هذه العجلة وما شأنك لأنّ في سكوته ما يوهم اشتغاله ، ثم إنهم أتوا بما هو من آداب الصديق الذي لا يسرّ عن الصديق شيئاً ، وكان ذلك بإذن الله تعالى لهم في إطلاع إبراهيم عليه السلام على إهلاكهم وجبر قلبه بتقديم البشارة بأبي الأنبياء إسحاق عليه السلام .

فإن قيل : فما الذي اقتضى ذكره بالفاء ولم لا قال : ما هذا الاستعجال وما خطبكم المعجل لكم . أجيب : بأنه لما أوجس منهم خيفة لو خرجوا من غير بشارة وإيناس ، فلما آنسوه قال : فما خطبكم ، أي : بعد هذا الأنس العظيم ما هذا الإيحاش الأليم .