السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} (19)

ولما ذكر تعالى معاملتهم للخالق أتبعه المعاملة للخلائق تكميلاً لحقيقة الإحسان فقال تعالى : { وفي أموالهم } أي كل أصنافها { حق } أي نصيب ثابت { للسائل } أي الذي ينبه على حاجته بسؤال الناس وهو المتكفف { والمحروم } وهو المتعفف الذي لا يجد ما يغنيه ولا يسأل الناس ولا يُفطن له ليُتصدّق عليه وهذه صفة أهل الصفة رضي الله تعالى عنهم ، فالمحسنون يعرفون صاحب الوصف لما لهم من ناقد البصيرة ولله تعالى بهم العناية ، وقدم السائل لأنه يعرف بسؤاله أو يكون إشارة إلى كثرة العطاء فيعطي السؤال ، فإذا لم يجدهم يسأل عن المحتاجين فيكون سائلاً ومسؤولاً .

وقيل قدّم السائل لتجانس رؤوس الآي . وقيل : السائل هو الآدمي ، والمحروم كل ذي روح غيره من الحيوانات المحترمة قال صلى الله عليه وسلم «في كل كبد حراء أجر » وهذا ترتيب حسن لأنّ الآدمي مقدّم على البهائم ، وقال ابن عباس وسعيد بن المسيب : السائل الذي يسأل الناس والمحروم الذي ليس له في الغنائم سهم ولا يجري عليه من الفيء شيء ، وقال قتادة والزهري : المحروم المتعفف الذي لا يسأل الناس وقال زيد بن أسلم : المحروم هو المصاب ثمره أو زرعه أو نسل ماشيته وهو قول محمد بن كعب القرظي قال : المحروم صاحب الجائحة ثم قرأ { إنا لمغرمون 66 بل نحن محرومون } [ الواقعة : 66 67 ] .