وقوله تعالى : { آخذين } حال من الضمير في خبر إن . وقوله تعالى : { وما آتاهم ربهم } أي المحسن إليهم المدبر لهم بتمام علمه وشامل قدرته إن كان مما في الجنة فتكون حالاً حقيقية وإن كان مما آتاهم من أمره ونهيه في الدنيا فتكون حالاً محكية لاختلاف الزمانين .
تنبيه : اعلم أن الله تعالى وحد الجنة تارة قال تعالى : { مثل الجنة } [ الرعد : 35 ] وأخرى جمعها كقوله تعالى هنا : { إنّ المتقين في جنات } وتارة ثناها قال تعالى : { ولمن خاف مقام ربه جنتان } [ الرحمن : 46 ]
والحكمة فيه أنّ الجنة في توحيدها لاتصال المنازل والأشجار والأنهار كجنة واحدة ، وأما جمعها فإنها بالنسبة إلى الدنيا وبالإضافة إليها جنات لا يحصرها عدد وأما تثنيتها فسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى في سورة الرحمن وهو قوله تعالى : { ولمن خاف مقام ربه جنتان } [ الرحمن : 46 ] فقيل : جنة لخوفه من ربه ، وجنة لتركه شهوته ، وقيل جنة لخائف الإنس وجنة لخائف الجن فيكون من باب التوزيع قال الرازي : غير أنا نقول هاهنا إنّ الله تعالى عند الوعد وحد الجنة وكذلك عند الشراء فقال تعالى { إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } [ التوبة : 111 ] وعند الإعطاء جمعها إشارة إلى أن الزيادة في الوعد موجودة بخلاف ما لو وعد بجنات ثم يقول إنه في جنة لأنه دون الموعود .
ومعنى آخذين : قابضين ما آتاهم شيئاً فشيئاً ولا يستوفونه بكماله لامتناع استيفاء ما لا نهاية له وقيل : قابلين قبول رضا كقوله تعالى { ويأخذ الصدقات } [ التوبة : 104 ] أي يقبلها قاله الزمخشريّ وقوله تعالى : { ويأخذ الصدقات إنهم كانوا قبل ذلك محسنين } إشارة إلى أنهم أخذوها بثمنها وملكوها بالإحسان في الدنيا ، والإشارة بذلك إما لدخول الجنة وإما لإيتاء الله تعالى وإمّا ليوم الدين والإحسان يكون في معاملة الخالق والخلائق وقيل : هو قول لا إله إلا الله ولهذا قيل . في معنى كلمة التقوى : إنها لا إله إلا الله وفي قوله تعالى : { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله } [ فصلت : 33 ] وقوله تعالى : { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } [ الرحمن : 60 ]
هو الإتيان بكلمة لا إله إلا الله . ثم فسر إحسانهم معبراً عنه بما هو في غاية المبالغة بقوله تعالى : { كانوا قليلا من الليل ما يهجون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.