السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمۡ يَقُولُونَ شَاعِرٞ نَّتَرَبَّصُ بِهِۦ رَيۡبَ ٱلۡمَنُونِ} (30)

{ أم يقولون } أي : هؤلاء المقتسمون { شاعر } أي : هو شاعر قال الثعلبي : قال الخليل : كل ما في سورة والطور من أم فاستفهام وليس بعطف ، وقال أبو البقاء : أم في هذه الآيات منقطعة وتقدم الخلاف في المنقطعة هل تقدر ببل وحدها أو ببل والهمزة أو بالهمزة وحدها ، والصحيح الثاني . وقال مجاهد : في قوله تعالى : { أم تأمرهم } [ الطور : 32 ] تقديره : بل تأمرهم { نتربص } أي ننتظر { به ريب المنون } أي : حوادث الدهر وتقلبات الزمان لأنها لا تدوم على حال كالريب وهو الشك فإنه لا يبقى بل هو متزلزل قال الشاعر :

تربص بها ريب المنون لعلها *** تطلق يوماً أو يموت حليلها

وقال أبو ذئب :

أمن المنون وريبها تتوجع *** والدهر ليس بمعتب من يجزع

والمنون في الأصل : الدهر ، وقال الراغب : المنون المنية لأنها تنقص العدد وتقطع المدد ، والمعنى : بل يقولون يعني هؤلاء المقتسمين الخراصين شاعر نتربص به ريب المنون حوادث الدهر وصروفه ، وذلك أنّ العرب كانت تحترز عن إيذاء الشعراء فإنّ الشعر كان عندهم يحفظ ويدوّن فقالوا لا نعارضه في الحال مخافة أن يغلبنا بقوة شعره وإنما نصبر ونتربص موته ويهلك كما هلك من قبله من الشعراء وتتفرّق أصحابه فإنّ أباه مات شاباً ونحن نرجو أن يكون موته كموت أبيه ، والمنون يكون بمعنى الدهر وبمعنى الموت سميا بذلك لأنهما يقطعان الأجل .