إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ أَن تَذۡهَبُواْ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأۡكُلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَأَنتُمۡ عَنۡهُ غَٰفِلُونَ} (13)

{ قَالَ } استئنافٌ مبنيٌّ على سؤال من يقول : فماذا قال يعقوبُ عليه السلام ؟ فقيل : قال : { إني ليحزنني } اللامُ للابتداء كما في قوله عز وجل : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } { أَن تَذْهَبُواْ بِهِ } لشدة مفارقتِه عليّ وقلة صبري عنه { و } مع ذلك { أَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذئب } لأن الأرض كانت مَذأبة والحزنُ ألمُ القلب بفوت المحبوبِ والخوفُ انزعاجُ النفسِ لنزول المكروهِ ولذلك أُسند الأولُ إلى الذهاب به المفوِّتِ لاستمرار مصاحبتِه ومواصلتِه ليوسف والثاني إلى ما يُتوقع نزولُه من أكل الذئبِ ، وقيل : رأى في المنام أنه قد شد عليه عليه السلام ذئبٌ وكان يحذَره فقال ذلك ، وقد لقنهم للعلة : [ الكامل ]

إن البلاء موكل بالمنطق *** . . .

وقرأ ابن كثير ، ونافع ، في رواية البزي بالهمزة على الأصل ، وأبو عمرو به وقفاً . وعاصم ، وابنُ عامر ، وحمزةُ درجاً وقيل : اشتقاقه من تذاءبت الريحُ إذا هاجت من كل جانب ، وقال الأصمعي : الأمرُ بالعكس وهو أظهر لفظاً ومعنى { وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافلون } لاشتغالكم بالرتع واللِّعْب أو لقلة اهتمامِكم بحفظه .