إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ} (56)

{ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ } استفهامٌ إنكاريٌّ أي لا يقنط { مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ الضآلون } المخطِئون طريقَ المعرفة والصوابِ ، فلا يعرِفون سعةَ رحمتِه وكمالَ علمه وقدرتِه كما قال يعقوب عليه الصلاة والسلام : { لاَ يَيأَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلاَّ القوم الكافرون } ومرادُه نفيُ القنوط عن نفسه على أبلغ وجهٍ ، أي ليس بي قنوطٌ من رحمته تعالى ، وإنما الذي أقول لبيان منافاةِ حالي لفيضان تلك النعمةِ الجليلة عليّ ، وفي التعرض لوصف الربوبيةِ والرحمةِ ما لا يخفى من الجزالة ، وقرئ بضم النون ، وبكسرها من قنَط بالفتح ولم تكن هذه المفاوضةُ من الملائكة مع إبراهيمَ عليه الصلاة والسلام خاصة ، بل مع سارَةَ أيضاً حسبما شُرح في سورة هود ، ولم يُذكر ذلك هاهنا اكتفاءً بما ذكر هناك كما أنه لم يُذكر هذه هناك اكتفاء بما ذكر هاهنا .