إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِن تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَن يُضِلُّۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (37)

{ إِن تَحْرِصْ } خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرئ بفتح الراء وهي لغة { على هُدَاهُمْ } أي إن تطلب هدايتَهم بجهدك { فَإِنَّ الله لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ } أي فاعلم أنه تعالى لا يخلق الهدايةَ جبراً وقسراً فيمن يخلق فيه الضلالةَ بسوء اختيارِه ، والمرادُ به قريش ، وإنما وضع الموصولُ موضعَ الضمير للتنصيص على أنهم ممن حقت عليه الضلالةُ وللإشعار بعلة الحكم ، ويجوز أن يكون المذكورُ علةً للجزاء المحذوف ، أي إن تحرص على هداهم فلست بقادر على ذلك لأن الله لا يهدي من يُضله وهؤلاء من جملتهم ، وقرئ لا يهدى على بناء المفعول أي لا يقدر أحدٌ على هداية من يضله الله تعالى ، وقرئ لا يهَدّي بفتح الهاء وإدغام تاء يهتدي في الدال ، ويجوز أن يكون يهدي بمعنى يهتدي ، وقرئ يُضل بفتح الياء ، وقرئ لا هاديَ لمن يُضِل ولمن أضل { وَمَا لَهُم مّن ناصرين } ينصرونهم في الهداية أو يدفعون العذابَ عنهم ، وصيغة الجمع في الناصرين باعتبار الجمعية في الضمير فإن مقابلةَ الجمعِ بالجمع يقتضي انقسامَ الآحادِ إلى الآحاد لا لأن المرادَ نفيُ طائفةٍ من الناصرين من كل منهم .