إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَا يَبۡعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُۚ بَلَىٰ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (38)

{ وَأَقْسَمُواْ بالله } شروع في بيان فن آخرَ من أباطيلهم وهو إنكارُ البعث { جَهْدَ أيمانهم } مصدرٌ في موقع الحال أي جاهدين في أيمانهم { لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ } ولقد رد الله تعالى عليهم أبلغَ ردَ بقوله الحق { بلى } أي بلى يبعثهم { وَعْداً } مصدر مؤكد لما دل عليه بلى ، فإن ذلك موعدٌ من الله سبحانه ، أو المحذوفِ ، أو وعَد بذلك وعداً { عَلَيْهِ } صفة لوعداً أي وعداً ثابتاً عليه إنجازُه لامتناع الخُلفِ في وعده ، أو لأن البعثَ من مقتضيات الحِكمة { حَقّاً } صفةٌ أخرى له أو نصبٌ على المصدرية أي حقَّ حقاً { ولكن أَكْثَرَ الناس } لجهلهم بشؤون الله عز شأنه من العلم والقدرةِ والحكمة وغيرِها من صفات الكمالِ ، وبما يجوز عليه وما لا يجوز وعدمِ وقوفِهم على سرّ التكوين والغايةِ القصوى منه ، وعلى أن البعثَ مما يقتضيه الحكمةُ التي جرت عادتُه سبحانه بمراعاتها { لاَّ يَعْلَمُونَ } أنه يبعثهم فيِبْنون القولَ بعدمه أو أنه وعدٌ عليه حق فيكذبونه قائلين : { لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هذا مِن قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين } .