الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا} (9)

وقوله سبحانه : { إِنَّ هذا القرآن يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء : 9 ] . { يَهْدِي } ، في هذه الآية بمعنى يرشدُ ، ويتوجَّه فيها أن تكون بمعنى «يدعو » و«التي » يريد بها الحالَةَ والطريقةَ ، وقالتْ فرقة «التي هي أقوم » : لا إله إِلا اللَّه ، والأول أعمُّ ، «والأجر الكبير » الجنة ، وكذلك حيثُ وقع في كتاب اللَّه فضْلُ كبير ، وأجرٌ كبيرٌ ، فهو الجنة ، قال البَاجِيُّ قال ابنُ وَهْبٍ : سمعتُ مالكاً يقول : إِن استطعت أن تجعل القرآن إِماماً ، فافعلْ ، فهو الإِمام الذي يهدي إِلى الجَنَّة .

قال أبو سليمان الدارانيُّ : ربَّما أقَمْتُ في الآية الواحدةِ خَمْسَ ليالٍ ، ولولا أني أدَعُ التفكُّر فيها ، ما جزتها ، وقال : إنما يُؤتَى على أحدكم من أنه إِذا ابتدأ السورة ، أراد آخرها . قال الباجيُّ : وروى ابن لبابة عن العتبي عن سُحْنُون أنه رأى عبد الرحمن بن القاسم في النومِ ، فقال له : ما فعلَ اللَّهُ بك ؟ قال : وَجَدتُّ عنده ما أَحْبَبْتُ ! قال له : فأي أعمالِكَ وجدتَّ أفضلَ ؟ قال : تلاوة القرآن ، قال : قلتُ له : فالمسائلُ ، فكان يشير بإصبعه كأنه يلشيها ، فكنت أسأله عن ابن وَهْب ، فيقول لي : هو في عِلِّيِّينَ . انتهى من «سنن الصالحين » .