تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا} (9)

الآية9 : وقوله تعالى : { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } على معنى التأنيث في قوله : { للتي هي أقوم } قيل بوجوه : قيل { إن هدى القرآن يهدي للتي للملة التي{ هي أقوم } الملل وأعدلها . الملة هي الدين دين الله .

وقال بعضهم : يهدي إلى الأمور التي هي أعدل الأمور وأصوبها . وقيل : يهدي إلى السبيل التي هي أقوم السبل وأعدلها . يحتمل هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرناها .

وجائز أن يكون قوله : { يهدي للتي هي أقوم }أي للأعمال الصالحات وللخيرات لأن الأعمال الصالحات ، قوامها به . ثم قوله : { يهدي } يحتمل وجهين :

أحدهما{[10675]} : يبين . والثاني يدعو . فهو يهدي الكل لو استهدوا ، لكن خص هؤلاء لما ( أن المنفعة ){[10676]} تكون لمن ذكر . وقد ذكرنا أن هذا القرآن وغيره من كتب الله هدى ورحمة ، يدعو إلى ثلاث خصال : إلى معالي الأمور ومكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ومصالحها ، وينهى عن مساوئ الأعمال وداني الأمور وسوء الأخلاق ودناءتها . فهو هدى ورحمة على ما أخبر لمن استهدى به ، ورشد لمن استرشد .

وقوله تعالى : { ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات } البشارة المطلقة إنما جعل للمؤمنين الذين عملوا الصالحات ، لم يذكر للمؤمنين خاصة على غير العمل الصالح ، فالمسألة فيهم غير المسألة في{[10677]}هؤلاء .

وفيه دلالة أن اسم الإيمان قد يستحق بدون العمل الصالح حين يشترط فيه العمل الصالح .

وقوله تعالى : { أن لهم أجرا كبيرا } سماه كبيرا لكبير خطره عند الله كما سمى النار عظيما لعظم خطره عنده ، أو سماه كبيرا لأنه أكبر ما يقصد إليه ، ويرغب فيه ، وهو ثواب الجنة . والنار أعظم ما يحذر بها ، ويرهب منها .


[10675]:في الأصل و.م : يحتمل.
[10676]:في الأصل و. : منفعة.
[10677]:في الأصل و.م: و.