إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَا فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ أَكۡثَرَ شَيۡءٖ جَدَلٗا} (54)

{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا } أي كررنا وأوردنا على وجوه كثيرةٍ من النظم { في هذا القرآن لِلنَّاسِ } لمصلحتهم ومنفعتِهم { مِن كُلّ مَثَلٍ } من جملته ما مر مِن مَثَل الرجلين ومثَل الحياةِ الدنيا أو من كل نوعٍ من أنواع المعاني البديعةِ الداعيةِ إلى الإيمان التي هي في الغرابة والحسنِ واستجلاب النفس كالمثل ليتلقَّوْه بالقَبول فلم يفعلوا { وَكَانَ الإنسان } بحسب جِبلَّته { أَكْثَرَ شَيء جَدَلاً } أي أكثرَ الأشياءِ التي يتأتى منها الجدلُ وهو هاهنا شدةُ الخُصومةِ بالباطل والمماراةِ ، من الجدْل الذي هو الفتْلُ ، والمجادلةُ الملاواةُ لأن كلاًّ من المجادِلَين يلتوي على صاحبه ، وانتصابُه على التمييز والمعنى أن جدَله أكثرُ من جدَل كلِّ مجادل .