إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَطَّلَعَ ٱلۡغَيۡبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحۡمَٰنِ عَهۡدٗا} (78)

وقوله تعالى : { اطَّلَعَ الغيب } ردٌّ لكلمته الشنعاء وإظهارٌ لبطلانها إثرَ ما أشير إليه من التعجب منها ، أي قد بلغ من عظمة الشأنِ إلى أن قد ارتقى إلى علم الغيب الذي يستأثر به العليمُ الخبير حتى ادعى أن يؤتى في الآخرة مالاً وولداً وأقسم عليه { أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } بذلك فإنه لا يُتوصَّل إلى العلم به إلا بأحد هذين الطريقين ، والتعرضُ لعنوان الرحمانية للإشعار بعلية الرحمةِ لإيتاء ما يدّعيه ، وقيل : العهدُ كلمةُ الشهادة ، وقيل : العملُ الصالح فإن وعدَه تعالى بالثواب عليهما كالعهد وهذا مجاراةٌ مع اللعين بحسب منطوقِ مقالِه كما أن كلامَه مع خبّاب كان كذلك .