إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ} (26)

{ وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً } حكايةٌ لجناية فريق من المشركين جيء بها لإظهار بُطلانِها وبيانِ تنزّهه تعالى عن ذلك إثرَ بيان تنزّهِه سبحانه عن الشركاء على الإطلاق وهم حيٌّ من خُزاعَةَ يقولون : الملائكةُ بناتُ الله تعالى ، ونقل الواحدي أن قريشاً وبعضَ أجناسِ العرب جهينةَ وبني مُلَيح يقولون ذلك . والتعرضُ لعنوان الرحمانية المنبئةِ عن كون جميع ما سواه تعالى مربوباً له تعالى نعمةً أو مُنعَماً عليه لإبراز كمالِ شناعةِ مقالتِهم الباطلةِ { سبحانه } أي تنزّه بالذات تنزّهَه اللائقَ به على أن السُّبحانَ مصدرٌ من سبح أي بَعُد أو أسبّحه تسبيحَه على أنه علمٌ للتسبيح وهو مقولٌ على ألسنة العباد أو سبحوه تسبيحَه وقوله تعالى : { بَلْ عِبَادٌ } إضرابٌ وإبطالٌ لما قالوه ، كأنه قيل : ليست الملائكةُ كما قالوا بل هم عبادٌ له تعالى { مُّكْرَمُونَ } مقربون عنده ، وقرئ مكرّمون بالتشديد تنبيهٌ على منشأ غلطِ القوم .