إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِذَا رَءَاكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا ٱلَّذِي يَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ وَهُم بِذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (36)

{ وَإِذَا رَآكَ الذين كَفَرُواْ } أي المشركون { إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً } أي ما يتخذونك إلا مهزوءاً به على معنى قصرِ معاملتهم معه عليه السلام على اتخاذهم إياه هُزواً ، لا على معنى قصرِ اتخاذهم على كونه هزواً كما هو المتبادرُ ، كأنه قيل : ما يفعلون بك إلا اتخاذَك هزواً وقد مر تحقيقه في قوله تعالى : { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَيَّ } في سورة الأنعام { أهذا الذي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ } على إرادة القولِ أي ويقولون أو قائلين ذلك أي يذكرهم الخ ، وقوله تعالى : { وَهُمْ بِذِكْرِ الرحمن هُمْ كافرون } في حيز النصبِ على الحالية من ضمير القول المقدرِ والمعنى أنهم يَعيبون عليه عليه الصلاة والسلام أن يذكُرَ آلهتَهم التي لا تضُرّ ولا تنفع بالسوء ، والحالُ أنهم بذكر الرحمن المنْعِم عليهم بما يليق به من التوحيد أو بإرشاد الخلق بإرسال الرسلِ وإنزالِ الكتب أو بالقرآن كافرون بذكر الرحمن ، والضمير الثاني تأكيدٌ لفظيٌّ للأول فوقع الفصلُ بين العامل ومعمولِه بالمؤكد ، وبين المؤكِّد والمؤكَّد بالمعمول .