فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ} (26)

{ وقالوا اتخذ الرحمن ولدا } هؤلاء القائلون هم خزاعة وجهينة وبنو سلمة وبنو مليح ، فإنهم قالوا الملائكة بنات الله ، وقيل : هم اليهود ، ويصح حمل الآية على كل من جعل لله ولدا . وقد قالت اليهود عزير ابن الله ، وقالت النصارى المسيح ابن الله . وقالت طائفة من العرب الملائكة بنات الله ، ثم نزه الله سبحانه عز وجل نفسه فقال : { سبحانه } أي تنزيها له عن ذلك ، وهو يقول على ألسنة العباد ؛ ثم أضرب عن قولهم وأبطله فقال : { بل عباد مكرمون } قرئ من الإكرام والتكريم ؛ أي ليسوا كما قالوا ، بل عباد الله سبحانه مكرمون بكرامته لهم مقربون عنده ، والعبودية تنافي الولادة بحسب المعتاد الذي لا يتخلف عند العرب من كون عبد الإنسان لا يكون له ولده ، أو بحسب قواعد الشرع من أن الإنسان إذا ملك ولده عتق عليه ، والأول في تقرير المنافاة أظهر إذ الكلام مع جهال العرب وهم لا يعرفون قواعد الشرع .

قال قتادة : قالت اليهود إن الله صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة ، فقال الله تكذيبا لهم : { بل عباد مكرمون } أي الملائكة أكرمهم بعبادته واصطفاهم ووصفهم بصفات سبعة ؛ الأولى هذه والأخيرة . ومن يقل منهم . فهذه الضمائر كلها للملائكة .