السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ} (26)

ولما بيّن سبحانه وتعالى بالدلائل الباهرة كونه منزهاً عن الشريك والضدّ والندّ أردف ذلك ببراءته عن اتخاذ الولد بقوله : { وقالوا اتخذ } أي : تكلف كما يتكلف من لا يكون له ولد { الرحمن } أي : الذي كل موجود من فيض نعمه { ولداً } نزل في خزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله ، وقيل : نزل ذلك في اليهود حيث قالوا : إنه تعالى صاهر الجن ، فكانت منهم الملائكة كما حكى الله تعالى عنهم قولهم ، وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً ، ثم إنه سبحانه وتعالى نزه نفسه عن ذلك بقوله تعالى : { سبحانه } أي : تنزه عن أن يكون له ولد ، فإنّ ذلك يقتضي المجانسة بينه وبين الولد ، ولا تصح مجانسة النعمة للمنعم الحقيقي { بل } أي : الذين جعلوهم له ولداً وهم الملائكة { عباد } من عباده أنعم عليهم بالإيجاد كما أنعم على غيرهم لا أولاد ، فإنّ العبودية تنافي الولدية { مكرمون } بالعصمة من الزلل ولذلك فسر الإكرام بقوله تعالى : { لا يسبقونه } .