إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞وَلَوۡ رَحِمۡنَٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرّٖ لَّلَجُّواْ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (75)

{ وَلَوْ رحمناهم وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مّن ضُرّ } أي قحطٍ وجدبٍ . { لَّلَجُّواْ } لتمادَوا { فِي طغيانهم } إفراطِهم في الكُفرِ والاستكبارِ وعداوةِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والمؤمنين { يَعْمَهُونَ } أي عامهينَ عن الهُدى . رُوي أنَّه لمَّا أسلمَ ثُمامةُ بنُ أثالٍ الحنفيُّ ولحقَ باليمامةِ ومنعَ الميرةَ عن أهلِ مكَّةَ وأخذَهُم اللَّهُ تعالى بالسِّنينَ حتى أكلُوا العِلْهِزَ{[568]} ، جاءَ أبُو سفيانَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ له : أنشُدكَ اللَّهَ والرَّحِمَ ألستْ تزعمُ أنَّك بُعثتَ رحمةً للعالمينَ قال : « بلى » فقال : قتلتَ الآباءَ بالسَّيفِ والأبناءَ بالجُوعِ . فنزلتْ والمعنى لو كشفنا عنهُم ما أصابَهم من القحطِ والهُزال برحمتنا إيَّاهم ووجدُوا الخصبَ لارتدُّوا إلى ما كانُوا عليه من الكُفرِ والاستكبارِ ولذهبَ عنهم هذا التملُّقُ والإبلاسُ وقد كان كذلكَ .


[568]:العلهز: وبر يخلط بدماء الحلم كانت العرب في الجاهلية تأكله أيام الجدب وفي حديث عكرمة: كان طعام أهل الجاهلية العلهز.