إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ} (22)

قوله تعالى : { أُولَئِكَ الذين حَبِطَتْ أعمالهم فِي الدنيا والآخرة } كما في قولك : الشيطانُ - فاحذر - عدوٌ مبين وعلى الأول هو استئناف واسم الإشارة مبتدأ وما فيه من معنى البعد للدِلالة على ترامي أمرهم في الضلال وبُعد منزلتهم في فظاعة الحال ، والموصولُ بما في حيز صلته خبرُه أي أولئك المتصفون بتلك الصفات القبيحة أو المبتلون بأسوأ الحال الذين بطلت أعمالُهم التي عمِلوها من البر والحسنات ولم يبق لها أثر في الدارين بل بقي لهم اللعنة والخزيُ في الدنيا وعذاب أليم في الآخرة { وَمَا لَهُم مّن ناصرين } ينصرونهم من بأس الله وعذابِه في إحدى الدارين ، وصيغةُ الجميع لرعاية ما وقع في مقابلته لا لنفي تعددِ الأنصار من كل واحد منهم كما في قوله تعالى : { وَمَا للظالمين مِنْ أَنصَارٍ } [ البقرة ، الآية 270 ] .