{ فَإنْ حَاجُّوكَ } أي في كون الدين عند الله الإسلامَ أو جادلوك فيه بعد ما أقمت عليهم الحجج { فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ } أي أخلصتُ نفسي وقلبي وجملتي ، وإنما عبر عنها بالوجه لأنه أشرفُ الأعضاء الظاهرة ومظهرُ القُوى والمشاعر ومجمعُ معظم ما تقع به العبادةُ من السجودِ والقراءة وبه يحصل التوجُّه إلى كل شيء { لِلَّهِ } لا أشرك به فيها غيرَه وهو الدينُ القويم الذي قامت عليه الحججُ ودعت إليه الآياتُ والرسلُ عليهم السلام { وَمَنِ اتبعن } عطفٌ على المتصل في أسلمتُ وحسُن ذلك لمكان الفصل الجاري مجرى التأكيد بالمنفصل أي وأسلم من اتبعني أو مفعول معه
{ وَقُلْ لّلَّذِينَ أُوتُواْ الكتاب } أي من اليهود والنصارى ، وُضِع الموصولُ موضعَ الضمير لرعاية التقابل بين وصفي المتعاطِفَيْن { والأميين } أي الذين لا كتابَ لهم من مشركي العرب { أأَسْلَمْتُمْ } متّبعين لي كما فعل المؤمنون فإنه قد أتاكم من البينات ما يوجبه ويقتضيه لا محالة فهل أسلمتم وعمِلتم بمقتضاها ، أو أنتم على كفركم بعدُ ؟ كما يقول من لخّص لصاحبه المسألة ولم يدَعْ من طرق التوضيح والبيان مسلكاً إلا سلكه فهل فهِمتها ؟ على منهاج قوله تعالى : { فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ } [ المائدة ، الآية 91 ] إثرَ تفصيلِ الصوارفِ عن تعاطي الخمر والميسِر وفيه من استقصارهم وتعبيرِهم بالمعاندة وقلةِ الإنصافِ وتوبيخِهم بالبلادة وكلّة القريحةِ ما لا يخفى .
{ فَإِنْ أَسْلَمُواْ } أي كما أسلمتم وإنما لم يصرّح به كما في قوله تعالى : { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ } حسماً لباب إطلاق اسم الإسلام على شيء آخر بالكلية { فَقَدِ اهتدوا } أي فازوا بالحظ الأوفر ونجَوْا عن مهاوي الضلال { وَإِن تَوَلَّوْاْ } أي أعرضوا عن الاتباع وقَبول الإسلام { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ } قائم مقامَ الجواب أي لم يضرّوك شيئاً إذْ ما علي إلا البلاغُ وقد فعلت على أبلغِ وجه ، رُوي أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه الآيةَ على أهل الكتاب قالوا : أسلمنا ، فقال عليه السلام لليهود : « أتشهدون أن عيسى كلمةُ الله وعبدُه ورسولُه ؟ » فقالوا : معاذ الله ، قال عليه الصلاة والسلام للنصارى : « أتشهدون أن عيسى عبدُ الله ورسولُه ؟ » فقالوا : معاذ الله أن يكون عيسى عبداً وذلك قولُه عز وجل : { وَإِن تَوَلَّوْاْ } { والله بَصِيرٌ بالعباد } عالم بجميع أحوالهم وهو تذييل فيه وعد ووعيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.