الآية 22 وقوله تعالى : { أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة } يحتمل وجوها : يحتمل أعمالهم{[3696]} التي فعلوا قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث كفروا به ، فبطلت تلك الأعمال ، ويحتمل ما كان لهم من الأعمال من صلة الأرحام والقربات والصدقات ، فبطلت لما لا قوام لها إلا بالإيمان ، فلما لم يأتوا به بطلت .
وقوله تعالى : { في الدنيا والآخرة } أما في الآخرة فثوابها ، وأما في الدنيا فحمدها وثناؤها ، ويحتمل { في الدنيا } ثواب الدنيا كقوله : { ومن كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة } [ النساء : 134 ] والله أعلم .
قال الشيخ ، رحمه الله تعالى ، في قوله : { إن الذين يكفرون بآيات الله } : فالآيات أعلام وحجج ، وهن أنواع : منها الحسيات{[3697]} نحو الخلائق في الدلالة على وحدانية الله تعالى ، والخارجة منها من احتمال وسع البشر ، يظهر عند أداء الرسل الرسالة ، يشهد على أن الذي أرسلهم هو الذي تولاها يعلم بها حجة يوضح بها رسالتهم . ومنها السمعيات ، وهي التي جاءت بها الرسل من الأنباء عما لا سبيل إلى الوقوف عليها إلا بالتعلم بلا تقدم تعليم ، أو ما لا يعلم حقيقة ذلك إلا الله ، هو الذي أطلعهم عليها لتكون آية لهم ، والله أعلم . ومنها العقليات ، وهي التي تعرف بالمحن والبحث عنها مما بها يوصل إلى معرفة التوحيد والرسالة ونحوها . ثم جعلها كلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فمن يكفر بها يخرج على وجهين :
أحدهما : على الكفر بحقيقة الآيات أن تكون هن آيات لما أقيمت له ، وهن من الوجوه التي ذكرت ، فقضى الله تعالى لمن يكفر بها ، بما ذكرت ، لتعنتهم ومعاندتهم ، والله أعلم .
والثاني : أن يريد بالكفر بالآيات بمن له الآيات ، فنسب إلى الآيات لأنها تعلم الحقيقة كما تنسب الأشياء إلى أسبابها التي بها يوصل إليها ، فذلك معنى الكفر بالآيات .
ثم كانت الكتب السماوية وما فيها النعوت وما أعجزهم عن إتيان مثل القرآن وغير ذلك من الحسنات ، والله أعلم . فعلى ما ذكرنا يخرج معنى الكفر بالآيات لأنها بحيث تأخذها الحواس ، وتحيط بها الأوهام والعقول ، ولكن على أنهن آيات للذي دلكم{[3698]} عليه أو على الكفر بالذي له آيات توجب تحقيقه ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.