{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ } إثرَ ما بين الدينَ الحقَّ والتوحيد وذكر أحوالَ الكتب الناطقةِ به وشرح شأن القرآنِ العظيم وكيفيةِ إيمانِ العلماء الراسخين به شَرَع في بيان حال مَنْ كفر به ، والمرادُ بالموصول جنسُ الكفرة الشاملُ لجميع الأصناف ، وقيل : وفدُ نجرانَ أو اليهودُ من قريظةَ والنضِير أو مشركو العرب { لَن تُغْنِي عَنْهُمْ } أي لن تنفعَهم وقرئ بالتذكير وبسكون الياء جِدّاً في استثقال الحركة على حروف اللين { أموالهم } التي يبذُلونها في جلب المنافع ودفعِ المضارّ { وَلاَ أولادهم } الذين بهم يتناصرون في الأمور المُهمة وعليهم يعوّلون في الخطوب المُلمة ، وتأخيرُ الأولاد عن الأموال مع توسيط حرف النفي بينهما إما لعراقة الأولادِ في كشف الكروب ، أو لأن الأموال أولُ عُدّة يُفزع إليها عند نزول الخطوب { مِنَ الله } من عذابه تعالى { شَيْئاً } أي شيئاً من الإغناء ، وقيل : كلمة من بمعنى البدل والمعنى بدلَ رحمةِ الله أو بدلَ طاعته كما في قوله تعالى : { إَنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئًا } [ يونس ، الآية 36 ] أي بدل الحق ومنه قوله : ولا ينفع ذا الجَدّ منك الجَدُّ أي لا ينفعه جَدُّه بذلك أي بدلَ رحمتك كما في قوله تعالى : { وَمَا أموالكم وَلاَ أولادكم بالتي تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زلفى } [ سبأ ، الآية 37 ] وأنت خبير بأن احتمال سدِّ أموالِهم وأولادهم مسدَّ رحمة الله تعالى أو طاعته مما لا يخطُر ببال أحد حتى يُتصدَّى لنفيه ، والأولُ هو الأليقُ بتفظيع حال الكفرة وتهويل أمرهم والأنسبُ بما بعده من قوله تعالى : { وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النار } ومن قوله تعالى : { فَأَخَذَهُمُ الله } [ آل عمران ، الآية 11 ] أي أولئك المتّصفون بالكفر حطبُ النار وحصَبُها الذي تُسعّر به ، فإن أريد بيانُ حالِهم عند التسعير فإيثارُ الجملةِ الاسمية للدِلالة على تحقق الأمر وتقرّره ، وإلا فهو للإيذان بأن حقيقة حالِهم ذلك ، وأن أحوالهم الظاهرةَ بمنزلة العدم فهم حال كونهم في الدنيا وَقودُ النار بأعيانهم . وفيه من الدلالة على كمال ملابستهم بالنار ما لا يخفى و { هُمْ } يحتمل الابتداءَ وأن يكون ضميرَ فصلٍ والجملة إما مستأنفةٌ مقرِّره لعدم الإغناء أو معطوفة على خبر إن ، وأيا ما كان ففيها تعيينٌ للعذاب الذي بيّن أن أموالهم وأولادهم لا تغني عنهم منه شيئاً . وقرئ وُقود النار بضم الواو وهو مصدر أي أهلُ وقودها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.