إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (7)

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النبيين مِيثَاقَهُمْ } أي اذكُر وقتَ أخذنا من النبيينَ كافَّةَ عهودِهم بتبليغِ الرِّسالةِ والدُّعاءِ إلى الدِّينِ الحقِّ { وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وإبراهيم وموسى وَعِيسَى ابن مَرْيَمَ } وتخصيصُهم بالذِّكرِ مع اندراجِهم في النبيِّينَ اندراجاً بيناً للإيذانِ بمزيدِ مزيَّتِهم وفضلِهم وكونِهم من مشاهيرِ أربابِ الشَّرائعِ وأساطينِ أولي العزمِ من الرُّسلِ . وتقديمُ نبيِّنا عليه الصَّلاة والسَّلام لإبانةِ خطرهِ الجليلِ { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ ميثاقا غَلِيظاً } أي عهداً عظيمَ الشَّأنِ أو مُؤكَّداً باليمينِ ، وهذا هو الميثاقُ الأولُ بعينِه وأخذُه هو أخذُه . والعطفُ مبنيٌّ على تنزيلِ التغايرِ العنوانيِّ منزلَة التغايرِ الذَّاتيِّ تفخيماً لشأنِه كما في قوله تعالى : { وَنَجَّيْنَاهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ سورة هود ، الآية 58 ] إثرَ قولِه تعالى : { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مّنَّا } [ سورة هود ، الآية58 ] .