إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞لَّئِن لَّمۡ يَنتَهِ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ وَٱلۡمُرۡجِفُونَ فِي ٱلۡمَدِينَةِ لَنُغۡرِيَنَّكَ بِهِمۡ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلَّا قَلِيلٗا} (60)

{ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون } عمَّا هُم عليهِ من النِّفاقِ وأحكامِه الموجبةِ للإيذاءِ { والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } عمَّا هُم عليهِ من التزلزلِ وما يستتبعُه ممَّا لا خيرَ فيهِ { والمرجفون فِي المدينة } من الفريقينِ عمَّا هُم عليهِ من نشرِ أخبارِ السُّوءِ عن سَرَايا المُسلمينَ وغيرِ ذلكَ من الأراجيفِ الملَّفقةِ المُستتبعةِ للأذَّيةِ . وأصلُ الإرجافِ التَّحريكُ من الرَّجفةِ التي هي الزَّلزلةُ وُصفت به الأخبارُ الكاذبةُ لكونِها متزلزلةً غيرَ ثابتةٍ { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } لنأمرنَّك بقتالِهم وإجلائِهم أو بما يضطرهم إلى الجلاءِ ولنحرضنَّك على ذلكَ { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ } عطفٌ على جوابِ القسمِ وثمَّ للدَّلالةِ على أنَّ الجلأَ ومفارقةَ جوارِ الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أعظمُ ما يُصيبهم { فِيهَا } أي في المدينةِ { إِلاَّ قَلِيلاً } زَمَاناً أو جواراً قليلاً ريثما يتبينُ حالُهم من الانتهاءِ وعدمِه