إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَسۡـَٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (63)

{ يَسْألُكَ الناس عَنِ الساعة } أي عن وقتِ قيامِها كانَ المُشركون يسألونَهُ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ عن ذلكَ استعجالاً بطريقِ الاستهزاءِ واليهودُ امتحاناً لما أنَّ الله تعالى عَمَّى وقتَها في التَّوراةِ وسائرِ الكتبِ . { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله } لا يُطلعُ عليهِ ملكاً مقرَّباً ولا نبَّياً مُرسلاً . وقولُه تعالى : { وَمَا يُدْرِيكَ } خطابٌ مستقلٌّ له عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ غيرُ داخلٍ تحتَ الأمرِ مسوقٌ لبيانِ أنَّها معَ كونِها غيرَ معلومةٍ للخلقِ مرجوَّة المجيءِ عن قريبٍ أيْ أيُّ شيءٍ يُعلمك بوقتِ قيامِها أي لا يُعلمك به شيءٌ أَصْلاً { لَعَلَّ الساعة تَكُونُ قَرِيباً } أي شَيْئاً قَريباً أو تكونُ السَّاعةُ في وقتٍ قريبٍ . وانتصابُه على الظَّرفيَّةِ ويجوزُ أنْ يكونَ التَّذكيرُ باعتبارِ أنَّ السَّاعةَ في مَعنْى اليَّوم أو الوقتِ . وفيهِ تهديدٌ للمُستعجلينَ وتبكيتٌ للمتعنتينَ . والإظهارُ في حيِّزِ الإضمارِ للتَّهويلِ وزيادةِ التَّقريرِ وتأكيدِ استقلالِ الجُملة كما أُشير إليهِ